المقالات
الإيمان بالقدر
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ لَهُ وَلا ضِدَّ وَلا نِدَّ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ، الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا عَلَمَ الْهُدَى أَنْتَ طِبُّ الْقُلُوبِ وَدَوَاؤُهَا وَعَافِيَةُ الأَبْدَانِ وَشِفَاؤُهَا وَنُورُ الأَبْصَارِ وَضِيَاؤُها صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيْكَ وَعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ. أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم كتابه .
*إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *
( سورة القمر ءايات 47 -48 – 49 ).
إخوة الإيمان، إن من أصول عقائد المسلمين الإيمانَ بقَدَرِ الله سبحانه وتعالى فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لـما سئل عن الإيمان قال { الإيمانُ أنْ تُؤْمِنَ بالله ومَلائِكتِه وكتبه ورُسُلِهِ واليوم الآخِرِ وتُؤمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ } ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: " وبالقدر خيره وشره " أن كل ما دخل في الوجود من خيرٍ وشر هو بتقدير الله الأَزلي فالطاعةُ التي تحصُلُ من المخلوقين والمعصيةُ التي تحصُلُ منهم كلٌّ بخلقِ الله وإيجادِهِ إياها وليس معنى ذلك أن الله يرضى بالشر ولا أنه يأمر بالمعصية إنما الخيرُ من أعمال العباد بتقدير الله ومحبَّتِهِ ورضاهُ، والشرُّ من أعمال العباد بتقدير الله لا بمحبَّتِهِ ورضاهُ، قال الإمام السلفي أبو حنيفة رضي الله عنه " والطاعة كلها ما كانت واجبة بأمر الله تعالى ومحبته وبرضائه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره " اهـ. فَفَرْقٌ أيها الأحبة بين المشيئة وبين الأمر فالله لم يأمر بالكفر والمعاصي لكنْ كفرُ الكافرين ومعصية العصاة لا يمكن أن يحصل لو لم يُرِدِ اللهُ حصوله وإلا لو كان يحصل ما لم يرد الله حصوله لكان عاجزًا والعجز على الله محال.
اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا واهدنا وسددنا، واختم لنا بالصالحات أعمالنا.
هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.